ماذا يعني تسريع الحق الدستوري في أمر المثول أمام القضاء الأمريكي؟
في محاولة لتسريع ترحيل المهاجرين غير الشرعيين
كشفت وكالة "أسوشيتد برس"، اليوم الاثنين، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إمكانية تعليق الحق الدستوري في أمر المثول أمام القضاء، في محاولة لتسريع عمليات ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وهي خطوة مثيرة للجدل تواجه تحديات قانونية ودستورية كبيرة، نظراً لأن الدستور الأمريكي لا يسمح بتعليق هذا الحق إلا في حالات التمرد أو الغزو.
وقال نائب رئيس موظفي البيت الأبيض، ستيفن ميلر، إن ترامب يسعى لتوسيع صلاحياته القانونية بهدف ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، مشيراً إلى أن الإدارة تدرس بجدية إمكانية تعليق أمر المثول أمام القضاء، الذي يمنح الأفراد الحق في الطعن قانونياً في مشروعية احتجازهم من قبل السلطات.
وقالت الوكالة إن "هذه الخطوة تستهدف المهاجرين كونها جزءًا من حملة أوسع يقودها الرئيس الجمهوري على الحدود الأمريكية - المكسيكية".
وأضاف ميلر في تصريحاته "الدستور واضح في هذا الشأن، فهو يسمح بتعليق امتياز أمر المثول أمام القضاء في حالات الغزو، وبالتالي فإننا نأخذ هذا الخيار على محمل الجد، رغم أن الأمر سيتوقف إلى حد كبير على ما إذا كانت المحاكم ستتخذ القرار الصحيح"، بحسب موقع الشرق الإخباري.
ما أمر المثول أمام القضاء؟
ويمثل أمر المثول أمام القضاء إحدى الدعائم الأساسية للعدالة في النظام القضائي الأمريكي، إذ يمنح هذا الإجراء المحاكم الفيدرالية سلطة استدعاء السجناء أمام قاضٍ محايد للتأكد من قانونية احتجازهم.
وقد استُمد هذا الحق من القانون العام الإنجليزي، حيث أقر البرلمان البريطاني قانون المثول أمام القضاء عام 1679 لضمان ألا يحتجز الملك الأفراد تعسفياً دون سند قانوني.
وينُص الدستور الأمريكي، في الفقرة الثانية من القسم التاسع من المادة الأولى، على أنه "لا يجوز تعليق أمر المثول أمام القضاء إلا في حالات التمرد أو الغزو، عندما تستدعي السلامة العامة ذلك".
هل سبق أن تم تعليق هذا الحق؟
نعم، فقد تم تعليق أمر المثول أمام القضاء في أربع مناسبات مختلفة في تاريخ الولايات المتحدة، غالباً بموجب تفويض من الكونغرس، وهو أمر يكاد يكون مستحيلًا اليوم، حتى مع ضغط ترمب، وذلك بالنظر إلى الأغلبية الجمهورية الضئيلة في مجلسَي النواب والشيوخ.
وكان أول تعليق لهذا الحق في عهد الرئيس أبراهام لينكولن خلال الحرب الأهلية الأمريكية، إذ أقدم عام 1861 على احتجاز مَن يُشتبه في تجسسهم أو تعاطفهم مع الكونفدرالية، متحدياً قراراً من رئيس المحكمة العليا آنذاك، القاضي روجر تاني، ولاحقاً، أذن الكونجرس بتعليقه عام 1863، ما أتاح للينكولن تكرار هذا الإجراء.
كما جرى تعليق أمر المثول أمام القضاء الأمريكي خلال ولاية الرئيس يوليسيس جرانت عام 1871 في أجزاء من ولاية ساوث كارولاينا، بهدف التصدي لأعمال العنف والترهيب التي كانت تمارسها الجماعات المعارضة لإعادة الإعمار في الجنوب.
وحدث تعليق آخر في مقاطعتين في الفلبين عام 1905، عندما كانت لا تزال تحت الإدارة الأمريكية، ومؤخراً في هاواي بعد الهجوم على بيرل هاربر عام 1941، قبل أن تصبح ولاية رسمية عام 1959.
مواجهة غزو المهاجرين
من الناحية النظرية، يمكن للإدارة الأمريكية محاولة المضي قدماً في تعليق هذا الحق، إذ أشار ميلر إلى أن الولايات المتحدة تواجه غزواً من المهاجرين، وهو توصيف يُستخدم عمداً في سياق تبرير استخدام الاستثناء الدستوري، بحسب "أسوشيتد برس".
ومع ذلك، فإن أي خطوة من هذا القبيل ستواجه تحديات قانونية كبيرة، ولا سيما بشأن ما إذا كان الوضع القائم يرقى فعلاً إلى غزو يستوجب تعليق هذا الحق، أو ما إذا كان يشكّل تهديداً غير عادي للسلامة العامة.